مقالات

الانتفاضة العالمية لنصرة فلسطين..هل سترضخ الحكومات؟

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – الفارق بين الشعوب والحكومات هو أن الأخيرة لا تقيم وزنا للقانون الدولي، فهي محكومة لميزان المصالح، وعندما تمس مصالحها تدوس على كل منظومة القانون والقيم، ولا تعطي لا الأمم المتحدة ولا ميثاقها أي قيمة. أما الشعوب فالأمر مختلف، فهي تنظر للأمور من منظار إنساني تضامني، ويحركها ضميرها في الغالب، لا المصالح فقط.

الحرب الإسرائيلية على غزة، أكدت عمليا هذه المعادلة، وهذه القاعدة، وها نحن نرى أن الحكومات في واد، والرأي العام في واد آخر بما يتعلق بالحرب ووحشية الجيش الإسرائيلي وسلسلة جرائم الحرب التي يرتكبها هذا الحيش، ففي حين تغمض الحكومات الغربية

أعينها وتصم آذانها عن هذه الجرائم، بل وتقدم لها الغطاء، فإن الشعوب تنتفض وتعلن عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وتدعو إلى وقف إطلاق النار ورفع الحصار، وتصبح فري بلستاين “Free Palestine” هو الشعار الأهم في شوارع العواصم والمدن الرئيسية في الدول الغربية. ومن الواضح أن هذا الزخم، وهو الأول من نوعه منذ عقود. سيخلق وعيا أعمق بخصوص القضية الفلسطينية، وهناك جيل جديد في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وكندا ومناطق عدة من العالم يدرك اليوم عدالة هذه القضية، وبموازاة ذلك أصبح انتقاد إسرائيل متاحا ومن الصعب وصف المنتقدين للاحتلال باللاسامية. والأهم أن الوعي آخذ بالتعمق حيال تاريخ القضية وتسلسل حدوثها من وعد بالفور عام 1917. وحتى الحرب الحالية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة، ومرورا بنكبة عام 1948.

السؤال الذي يتبادر لدى الأذهان هو ما إذا كانت الحكومات سترضخ إلى ضغوط الرأي العام؟ هذ السؤال يمكن الإجابة عليه بمنطق العلم، وبالتالي القول إن الحكومات في نهاية الأمر سترضخ لأنها هي تأتي عبر الانتخابات، وعبر صوت الأفراد في صناديق الاقتراع، وهي بالتالي تحسب ألف حساب ليوم يكون الرأي العام فيه صاحب الكلمة. فعلى سبيل المثال تدني شعبية الرئيس الأميركي بايدن. وخوف مستشاريه من إمكانية خسارة الانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد أقل من عام من الآن. خصوصا أنها قد تواجه إحجاما من المصوتين العرب والمسلمين وحتى التقدميبن في الحزب الديمقراطي.


اقرأ\ي أيضاً| اهربوا قبل الانفجار


أما الجواب الثاني وله علاقة بموقع ومكانة إسرائيل في المشروع الاستعماري، وبالتالي فإن الدولة العميقة في مختلف الدول ستواصل دعم إسرائيل والتغطية على جرائمها في المدى المنظور وربما المتوسط، خصوصا إذا أخذنا في الاعتبار أن المال هو العامل الأهم في الانتخابات في الدول الرأسمالية، وهنا يكون تأثير اللوبي الإسرائيلي ودوره في تأمين المال الذي يحتاجه المرشحون بمن فيهم بايدن. وبغض النظر فإننا أمام واقع جديد قد أصبحت القضية الفلسطينية فيه ضمن دائرة الاهتمام، وأنها حفرت في وعي جيل جديد وأن هذا الوعي سيؤثر في مجمل السياسات في المستقبل.

إن ما نحن بصدده هو تطور نوعي، وهو تراكم لن ينتهي بانتهاء الحرب وسيواصل التأثير. فالأسئلة طرحت وستبقى مطروحة وهي بحاحة للإجابة. وهنا يأتي السؤال الثاني وهو: كيف يمكن أن يقود هذا التطور إلى تسوية سياسية؟ وهل سيترجم إلى خطوات عملية بعد الحرب لنصل إلى حل الدولتين؟

المسؤولون الحكوميون يكثرون الحديث، وفي خضم الحرب، عن ضرورة العودة عملية السلام التي يمكن أن تقود إلى حل الدولتين، ولكن من يثق بأقوال المسؤولين الحكومين؟ خصوصا أنهم فوتوا كل الفرص، بل وساهموا في تقويض حل الدولتين عندما تركوا إسرائيل توسع الاستيطان وتهويد القدس، بل ان واشنطن، وخاصة في عهد ترامب قدمت لتل أبيب كل ما تريد لتقويض كل الفرص ومنع حدوث حل الدولتين. وبموازاة ذلك اخذت المساعدات الدولية تتناقص وان دولا عربية قد توقفت هي الأخرى عن تقديم أي دعم للسلطة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني، وان بعضها الآخر كانت تمول الانقسام بأشكاله المختلفة.

هناك واقع جدبد اليوم قد يغير من هذه السياسات التي أعاقت على امتداد سنوات حل الدولتين. ولكن الأهم وقبل كل شيء أن يفرض هذا الواقع وقفا للحرب، وأن يمنع مخططات التهجير. فإذا نجح الرأي العام فعلى الحكومات القيام بالك فسيكون هناك أمل بالتقدم نحو حل الدولتين.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى