مقالات

علاقة الفلسطينيين بأرضهم.. التاريخ الأطول

علاقة الفلسطينيين بأرضهم.. التاريخ الأطول

شعاع نيوز – الكاتب: باسم برهوم – عبر آلاف السنين، الشيء الوحيد الثابت في تاريخ فلسطين، ان الكتلة البشرية التي اصبح مع الزمن اسمها الشعب الفلسطيني هي الأكثر بقاء واستمرارا على الارض من النهر الى البحر. كل الغزاة الذين جاءوا الى فلسطين من اشوريين وبابليين وفرس واغريق ورومان، ولاحقا الصليبيون. كل الموجات جاءت ورحلت وبقيت الكتلة السكانية الاساسية ملتصقة بالارض تزرعها وتنتج المحاصيل ذاتها: الزيتون، الفواكه القمح، الشعير، والخضراوات، وظلوا ينتجون زيت الزيتون والصابون والفواكه المجففة ويصدرونها للعالم.

خلال الحروب الصليبية، شنوا حملات إبادة في المدن، لكنهم وبسبب الحاجة للمحاصيل ابقوا على الريف الفلسطيني والريف هو الذي حافظ على الأرض والهوية الوطنية، واليوم وفي زمن الغزو الصهيوني لا يزال الفلسطينيون في بلدات وقرى الجليل والمثلث والنقب يتمسكون بأرضهم ويحافظون على هويتها، وفي الضفة وقطاع غزة يبقى الفلاح الفلسطيني يزرع وينتج ذات المحاصيل التي كان أجداده قبل آلاف السنين ينتجونها.

يوم الأرض الذي عبر عن انتفاضة الفلسطينيين، داخل الخط الاخضر. دفاعا عن ارضهم في الثلاثين من آذار 1976. هو احد اهم التعبيرات في الزمن المعاصر عن تمسك الشعب الفلسطيني بارضه، التي لم ينفصل عنها على امتداد قرون طويلة، وربما منذ وجود البشر على هذه الارض. وتمسك الفلسطيني بأرضه لا يقاس بمدى استعداده بتقديم التضحيات من اجل الدفاع عنها وحسب، وانما بالاصرار على زراعتها وتعميرها والصمود عليها.

رمزية يوم الارض لا تقتصر على دلالات تمسك الفلسطيني بارضه، انما ايضا، ان هذا اليوم قد شكل حالة وحدة وطنية وشعبية في كافة تواجد الفلسطينيين، وهذه الوحدة المتجلية لم تكن تحصل بهذه القوة لو لم تكن الارض هي الموضوع الذي هو سر الوجود والهوية. والأرض هي الذاكرة وفيها سجل تاريخ الشعب الفلسطيني، فلا تكاد بقعة صغيرة من الأرض الا وفيها قصص تحكي شيئا من التارخ الذي يخص الفلسطيني وحده.


اقرأ|ي أيضاً| تحديث الانقلاب .. باغتيال الرئيس أبو مازن سياسيا


تاريخ فلسطين هو عبارة عن سلسلة طويلة من الغزوات الخارجية، ولا يكاد قرن مر على فلسطين دون غزو، والمشروع الصهيوني هو احدى هذه الغزوات، وغزوته عنيفة ككل الغزوات، وربما اشد واكثر وحشية، ولكن الحقيقة التي لم تنجح كافة الغزوات في محوها، ولا حتى الغزوة الصهيونية، هي الحقيقة الفلسطينية، وحقيقة العلاقة التي لا يمكن كسرها او هزيمتها بين الفلسطيني وارضه.

يوم الارض، تحول بالنسبة للفلسطينيين في الشتات، الى يوم لتحفيز الذاكرة وتأكيد الارتباط بالارض، وبالنسبة للفلسطينيين في مخيمات اللجوء، يوم الأرض وعد بالعودة، لان الشعور بملكية ارض الاباء والاجداد لا يمكن ان تمحوه غزوة خارجية مهما كانت مختلفة في مبرراتها. ويوم الارض بالنسبة للفلسطينيين في الارض المحتلة: الضفة والقدس وقطاع غزة، هو يوم لتحفيز الكفاح والصمود عليها مهما كلف الامر، وبالنسبة للفلسطينيين داخل الخط الاخضر، يوم الارض هو تعبير عن الهوية الوطنية والقومية، وهو عنوان الصمود وعدم المساومة على اي شبر مما تبقى لهم من ارض.

هذا العام تأتي ذكرى يوم الارض، وهناك جزء من الوطن الفلسطيني ينزف بقوة، جزء يتعرض لحرب ابادة فاشية، انه منطق الغزاة لا منطق اصحاب الأرض. في غزة المشهد هو هكذا غزاة واصحاب ارض، لذلك مهما طغى وتجبر الغزاة فإن أصحاب الارض هم الحقيقة الاقوى. هكذا يقول التاريخ، وبالتحديد هذا ما يقوله تاريخ فلسطين، في نهاية الامر الغزاة عابرون واصحاب الارض الاصليون هم الباقون ليكون يوم الارض هذا العام يوم وحدة وتضامن، يوما يعزز الصمود ويعمق الوعي، يغذي الذاكرة الوطنية بحب الأرض، أرضنا نحن.

تابعنا على تلجرام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى